الفصحى في بيتنا
كلمة تتصدر عنوان مدونتنا، وتتصدر أيضا قائمة اهتماماتنا مع الأولاد، ربما يستدرك
علي البعض اهتمامي بالفصحى على الرغم من عدم استخدامها في الحديث، ولن يتعامل بها الأولاد
في الشارع، وفي هذه التدوينة أفصل الرد.
أولا:
اللغة هُوية:-
حينما نقابل شخصا في الشارع من أول الأشياء التي
تدلنا عليه هي لغته، ومن خلال حوارك معه تستطيع أن تعرف لهجته وإلى أي قطر ينتمي، وتحدد
أيضا اهتماماته وثقافته، ونحن -المسلمين- ميزنا بلغة فريدة ثرية، سامية في أصلها، سلسة
في حروفها، عميقة راقية في معانيها، نزل كلام الله بها، وحينما نصل الجنة - إن شاء
الله - بها سنتبادل أحاديثنا .
حاليا أصيب العرب بمرض ازدواجية اللغة، حديثنا بالعامية،
وكتاباتنا بالفصحى، لا تجد أحدا يستطيع الكلام بلسان فصيح إلا قلة على مستوى العالم
العربي، وهذه مأساة.
أول شيء
يسعى إليه محتل إحلال لغته محل لغة البلاد، فإن لم يستطع يخلخل لغتهم ويقللها في أعينهم
ويعظم شأن لغته، وهذا ما فُعِل بالفعل في البلاد التي احتلتها فرنسا مثل الجزائر وغيرها؛
شَوَّهوا اللغة العربية فيها وأحلوا الفرنسية وقدسوها في نفوس أبناء البلد، وأيضا في
البلاد التي احتلها الإنجليز قللوا من شأن الكتاتيب التي كانت تعلم الفصحى، وأنشاؤا
مدارسهم الإنجليزية، وبالتدريج بدأت الفصحى في الانحدار من لسان العرب وفكرهم، فالآن
قل شأنها كثيرا في نفوس المسلمين، وفضلوا غيرها عليها، وأصبحت غريبة على ألسنتهم وآذانهم،
وعادة يسخرون منها في أفلامهم ونكاتهم، وتجد في وسط الحديث الكثير من كلمات لغة أخرى
فيها، لافتات في كل مكان بلغة غير لغتنا، وكأنها ضنت بكلماتها عليهم.
فأتمنى إحياءها بطريقة عملية، ليس بتدريس قواعدها
ونصوصها؛ بل بإشراب أبنائي إياها منذ نعومة أظفارهم، آذانهم ميزت مخفم الحروف من مرققها،
واعتادت جمع الكلمات ومثناها ومفردها، فرقت بين أوزان الكلام، وثبت عقلهم قواعدها،
ومارس لسانهم مفرداتها، لن يضطروا إلى حفظ معاني الكلمات لأنهم ألفوها، ولن يحفظوا
مظاهرها الجمالية لأنهم يشعروا بها، والقرآن وما أدراك ما القرآن إذا كان لك بعض العلم
باللغة، فلا تمر علينا كلمة إلا ويُسأل عن معناها، فهنا اللغة حية في نفوس أولادي وذوقهم
وفكرهم وليس فقط في الكتب.
ثانيا:
هو تأثير اللغة العربية على الذكاء والخيال والإبداع:-
سمعت أن العامية المصرية لاتزيد عن ثلاثة آلاف كلمة
- وأظنها زادت الآن -، فتخيل إذا كان القرآن فقط يحتوي على ما يقارب خمسين ألف كلمة،
كيف سيثري هذا لسان طفلك وعقله، وستتضاعف الخلايا العصبية المسئولة عن اللغة ومن ثم
يتزايد ذكاؤه وقدرته على التعبير.
وأيضا هي اللغة الرابعة في الترتيب على مستوى العالم التي يُتكلم بها، فصعب أن تتواصل مع أي أحد غيرعربي بلهجة عامية لأنهم لا يتعلمون إلا بالفصحى، فتعلمها ضرورة.
وقد جرب الدكتور عبد الله الدنان في صف مدرسة ابتدائية
حينما قارن بين مستواهم قبل وبعد تعلمهم الفصحى، فوجد ارتفاعا في معدلاتهم الدراسية،
وأيضا في تجربته الشخصية مع ولديه الأخيرين، ولمست هذا مع أولادي -ولله الحمد-.
ولا
يظن من اهتمامي بالفصحى تقليلي من شأن اللغات الأخرى؛ لا بل أحاول أن أجمع لأولادي
بين أكثر من لغة، يعني أتمنى من الله عند بلغوهم السادسة يكونوا أتقنوا العامية والفصحى
والإنجليزية، وإن فتح الله عليهم في تعلم اللغات يتعلمون الصينية أو ما سيحتاجونه في
سوق العمل المستقبلي.
ومن يريد المزيد عن أهمية تعلم الفصحى للأطفال
فتستفيض فيه الدكتورة سهير السكري في هذا الفيديو
وهذه أيضا تجربة
الدكتور عبد الله الدنان مع ابنه
وهذا فيديو رائع لتجربة أم علي مع ابنها في تعليمه الفصحى والفرنسية
والعامية
وهذه فيديوهات لطيفة لصغار يتكلمون الفصحى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق